فصل: تَنْبِيهٌ: هَلِ الْأَحْرُفُ السَّبْعَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ؟:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.تَنْبِيهٌ: هَلِ الْأَحْرُفُ السَّبْعَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ؟:

اخْتُلِفَ: هَلِ الْمَصَاحِفُ الْعُثْمَانِيَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ؟
فَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى ذَلِكَ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ تُهْمِلَ نَقْلَ شَيْءٍ مِنْهَا، وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى نَقْلِ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي كَتَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ مَا سِوَى ذَلِكَ‏.
وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَى أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَا يُحْتَمَلُ رَسْمُهَا مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ فَقَطْ، جَامِعَةٌ لِلْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي عَرَضَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِبْرِيلَ مُتَضَمِّنَةٌ لَهَا، لَمْ تَتْرُكْ حَرْفًا مِنْهَا‏.
قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ صَوَابَهُ‏.
وَيُجَابُ عَنِ الْأَوَّلُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ: أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ جَائِزًا لَهُمْ وَمُرَخَّصًا لَهُمْ فِيهِ، فَلَمَّا رَأَى الصَّحَابَةُ أَنَّ الْأُمَّةَ تَفْتَرِقُ وَتَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ اجْتِمَاعًا شَائِعًا، وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَرْكُ وَاجِبٍ وَلَا فِعْلُ حَرَامٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ نُسِخَ مِنْهُ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ وَغُيِّرَ، فَاتَّفَقَ رَأْيُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنْ كَتَبُوا مَا تَحَقَّقُوا أَنَّهُ قُرْآنٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ، وَتَرَكُوا مَا سِوَى ذَلِكَ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي الْمَصَاحِفِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي فَضَائِلِهِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، قَالَ‏: الْقِرَاءَةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ هِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي يَقْرَؤُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ‏.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ‏: كَانَ جِبْرِيلُ يُعَارِضُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ مَرَّتَيْنِ. فَيَرَوْنَ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُنَا هَذِهِ عَلَى الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ‏.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّة: يُقَالُ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ شَهِدَ الْعَرْضَةَ الْأَخِيرَةَ الَّتِي بُيِّنَ فِيهَا مَا نُسِخَ وَمَا بَقِيَ، وَكَتَبَهَا لِرَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ بِهَا حَتَّى مَاتَ؛ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي جَمْعِهِ، وَوَلَّاهُ عُثْمَانُ كَتْبَ الْمَصَاحِفِ‏.

.النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي مَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَأَسْمَاءِ سُوَرِهِ:

قَالَ الْجَاحِظُ‏: سَمَّى اللَّهُ كِتَابَهُ اسْمًا مُخَالِفًا لِمَا سَمَّى الْعَرَبُ كَلَامَهُمْ عَلَى الْجَمْلِ وَالتَّفْصِيلِ، سَمَّى جُمْلَتَهُ: قُرْآنًا، كَمَا سَمَّوْا: دِيوَانًا، وَبَعْضُهُ سُورَةٌ كَقَصِيدَةٍ، وَبَعْضُهَا آيَةٌ كَالْبَيْتِ، وَآخِرُهَا فَاصِلَةٌ كَقَافِيَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَانِي عُزَيْزِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَعْرُوفُ بِشَيْذَلَةَ- بِضَمِّ عَيْنِ عُزَيْزِيٍّ- فِي كِتَابِ الْبُرْهَان: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ سَمَّى الْقُرْآنَ بِخَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ اسْمًا:
سَمَّاهُ كِتَابًا وَمُبِينًا فِي قَوْلِه: {‏حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ‏} [الدُّخَان: 1- 2].
وَقُرْآنًا وَكَرِيمًا فِي قَوْلِه: {‏إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ‏} [الْوَاقِعَة: 77].
وَكَلَامًا‏: {‏حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التَّوْبَة: 6].
وَنُورًا‏: {‏وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا‏} [النِّسَاء: 174].
وَهُدًى وَرَحْمَةً‏: {‏هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ‏} [يُونُسَ: 57].
وَفُرْقَانًا‏: {نزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ‏} [الْفُرْقَان: 1].
وَشِفَاءً: {‏وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ‏} [الْإِسْرَاء: 82].
وَمَوْعِظَةً: {‏قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ‏} [يُونُسَ: 57].
وَذِكْرًا وَمُبَارَكًا‏: {‏وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ‏} [الْأَنْبِيَاء: 50].
وَعَلِيًّا‏: {‏وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لِعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏} [الزُّخْرُف: 4].
وَحِكْمَةٌ‏: {‏حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ‏} [الْقَمَر: 5].
وَحَكِيمًا‏: {‏تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيم} [يُونُسَ: 1].
وَمُهَيْمِنًا‏: {‏مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ‏} [الْمَائِدَة: 48].
وَحَبْلًا: {‏وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ‏} [آلِ عِمْرَانَ: 103].
وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا‏: {‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا‏} [الْأَنْعَام: 153].
وَقَيِّمًا‏: {‏قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا‏‏‏} [الْكَهْف: 2].
وَقَوْلًا وَفَصْلًا: {‏إِنَّهُ لِقَوْلٌ فَصْلٌ‏} [الطَّارِق: 13].
وَنَبَأً عَظِيمًا‏: {‏عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ‏} [النَّبَأ: 1- 2].
وَأَحْسَنَ الْحَدِيثِ، وَمُتَشَابِهًا، وَمَثَانِيَ: {‏اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ‏} [الزُّمَر: 23].
وَتَنْزِيلًا: {‏وَإِنَّهُ لِتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏} [الشُّعَرَاء: 192].
وَرُوحًا‏: {‏أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا‏} [الشُّورَى: 52].
وَوَحْيًا‏: {‏إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْي} [الْأَنْبِيَاء: 45].
وَعَرَبِيًّا‏: {‏قُرْآنًا عَرَبِيًّا‏} [يُوسُفَ: 2].
وَبَصَائِرَ‏: {‏هَذَا بَصَائِرُ‏} [الْأَعْرَاف: 203].
وَبَيَانًا‏: {‏هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ‏} [آلِ عِمْرَانَ: 138].
وَعِلْمًا‏: {‏مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ‏} [الْبَقَرَة: 145].
وَحَقًّا‏: {‏‏إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ‏‏‏} [آلِ عِمْرَانَ: 62].
وَهَدْيًا‏: {‏إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي‏} [الْإِسْرَاء: 9].
وَعَجَبًا‏: {‏قُرْآنًا عَجَبًا‏} [الْجِنِّ].
وَتَذْكِرَةً: {‏وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ‏} [الْحَاقَّة: 48].
وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقَى‏: {‏اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى‏} [الْبَقَرَة: 256].
وَصِدْقًا‏: {‏وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ‏} [الزُّمَر: 33].
وَعَدْلًا: {‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الْأَنْعَام: 115].
وَأَمْرًا‏: {‏ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ‏} [الطَّلَاق: 5].
وَمُنَادِيًا‏: {سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ‏‏} [آلِ عِمْرَانَ: 193].
وَبُشْرَى‏: {‏هُدًى وَبُشْرَى‏} [النَّمْل: 3].
وَمَجِيدًا‏: {‏‏بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ‏} [الْبُرُوج: 21].
وَزَبُورًا‏: {‏وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ‏} [الْأَنْبِيَاء: 105].
وَبَشِيرًا وَنَذِيرًا‏: {‏كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا‏} [فُصِّلَتْ: 3- 4].
وَعَزِيزًا‏: {‏وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ‏} [فُصِّلَتْ: 41].
وَبَلَاغًا‏: {‏هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ‏} [إِبْرَاهِيمَ: 52].
وَقَصَصًا‏: {‏أَحْسَنَ الْقَصَصِ‏} [يُوسُفَ: 3].
وَسَمَّاهُ أَرْبَعَةَ أَسْمَاءٍ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ‏: {‏فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ‏} [عَبَسَ: 14]. انْتَهَى.
فَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ كِتَابًا‏: فَلِجَمْعِهِ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ وَالْقِصَصِ وَالْأَخْبَارِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ، وَالْكِتَابُ لُغَةً‏: الْجَمْعُ.
وَالْمُبِينَ‏: لْأَنَّهُ أَبَانَ‏، أَيْ: أَظْهَرَ الْحَقَّ مَنِ الْبَاطِلِ‏.
وَأَمَّا الْقُرْآنُ: فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ‏: هُوَ اسْمُ عَلَمٍ غَيْرُ مُشْتَقٍّ، خَاصٌّ بِكَلَامِ اللَّهِ. فَهُوَ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَهْمِزُ قَرَأْتَ، وَلَا يَهْمِزُ الْقُرْآنَ وَيَقُولُ‏: الْقُرَانَ وَمَعْنَى اسْمِ الْقُرْآنِ اسْمٌ وَلَيْسَ بِمَهْمُوزٍ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ قِرَاءَةٍ وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، مِثْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ‏.
وَقَالَ قَوْمٌ، مِنْهُمُ الْأَشْعَرِيُّ‏: هُوَ مُشْتَقٌّ مَنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ‏، إِذَا ضَمَمْتَ أَحَدَهُمَا إِلَى الْآخَرِ، وَسُمِّيَ بِهِ، لِقِرَانِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ فِيه.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ‏: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَرَائِنِ؛ لْأَنَّ الْآيَاتِ مِنْهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيُشَابِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَهِيَ قَرَائِنُ.
وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ بِلَا هَمْزٍ أَيْضًا، وَنُونُهُ أَصْلِيَّةٌ‏.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ‏: هَذَا الْقَوْلُ سَهْوٌ وَالصَّحِيحُ: أَنَّ تَرْكَ الْهَمْزِ فِيهِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ وَنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزِ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا‏.
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ مَهْمُوزٌ: فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مَصْدَرٌ لَقَرَأْتُ، كَالرُّجْحَانِ وَالْغُفْرَانِ، سُمِّيَ بِهِ الْكِتَابُ الْمَقْرُوءُ، مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ‏.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الزَّجَّاجُ‏: هُوَ وَصْفٌ عَلَى فُعْلَانٌ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَرْءِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ، وَمِنْهُ قَرَأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ‏‏، أَيْ: جَمَعْتُهُ‏.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ‏: وَسُمِّيَ بِذَلِكَ، لْأَنَّهُ جَمَعَ السُّوَرِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ‏.
وَقَالَ الرَّاغِبُ‏: لَا يُقَالُ لِكُلِّ جَمْعٍ: قُرْآنٌ، وَلَا لِجَمْعِ كَلِّ كَلَامٍ: قُرْآنٌ‏. قَالَ‏: وَإِنَّمَا سُمِّيَ قُرْآنًا؛ لِكَوْنِهِ جَمْعٌ، ثَمَرَاتُ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ الْمُنَزَّلَةِ‏. وَقِيلَ: لْأَنَّهُ جَمَعَ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ كُلَّهَا‏.
وَحَكَى قُطْرُبُ قَوْلًا: إِنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ قُرْآنًا؛ لْأَنَّ الْقَارِئَ يُظْهِرُهُ وَيُبَيِّنُهُ مِنْ فِيهِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْعَرَب: مَا قَرَأَتِ النَّاقَةُ سَلًا قَطُّ‏، أَيْ: مَا رَمَتْ بِوَلَدٍ‏، أَيْ: مَا أَسْقَطَتْ وَلَدًا‏، أَيْ: مَا حَمَلَتْ قَطُّ، وَالْقُرْآنُ يَلْقُطُهُ الْقَارِئُ مِنْ فِيهِ وَيُلْقِيهِ، فَسُمِّيَ قُرْآنًا‏.
قُلْتُ‏: وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ‏.
وَأَمَّا الْكَلَامُ: فَمُشْتَقٌّ مِنَ الْكَلِمِ بِمَعْنَى التَّأْثِيرِ؛ لْأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَائِدَةً لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ‏.
وَأَمَّا النُّورُ: فَلِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ غَوَامِضُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ‏.
وَأَمَّا الْهُدَى: فَلْأَنَّ فِيهِ الدَّلَالَةَ عَلَى الْحَقِّ، وَهُوَ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْفَاعِلِ مُبَالَغَةً‏.
وَأَمَّا الْفُرْقَانُ: فَلِأَنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَجَّهَهُ بِذَلِكَ مُجَاهِدٌ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ‏.
وَأَمَّا الشِّفَاءُ: فَلْأَنَّهُ يَشْفِي مِنَ الْأَمْرَاضِ الْقَلْبِيَّةِ كَالْكُفْرِ وَالْجَهْلِ وَالْغِلِّ، وَالْبَدَنِيَّةِ أَيْضًا‏.
وَأَمَّا الذِّكْرُ: فَلِمَا فِيهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَالذِّكْرُ أَيْضًا الشَّرَفُ، قَالَ تَعَالَى: {‏وَإِنَّهُ لِذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ‏} [الزُّخْرُف: 44] أَيْ: شَرَفٌ؛ لْأَنَّهُ بِلُغَتِهِمْ‏.
وَأَمَّا الْحِكْمَةُ: فَلْأَنَّهُ نَزَلَ عَلَى الْقَانُونِ الْمُعْتَبَرِ مِنْ وَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّهِ، أَوْ لْأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْحِكْمَةِ‏.
وَأَمَّا الْحَكِيمُ: فَلْأَنَّهُ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِعَجِيبِ النَّظْمِ وَبَدِيعِ الْمَعَانِي، وَأُحْكِمَتْ عَنْ تَطَرُّقِ التَّبْدِيلِ وَالتَّحْرِيفِ وَالِاخْتِلَافِ وَالتَّبَايُنِ‏.
وَأَمَّا الْمُهَيْمِنُ: فَلْأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالْأُمَمِ السَّالِفَةِ‏.
وَأَمَّا الْحَبْلُ: فَلْأَنَّهُ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَصَلَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوِ الْهُدَى وَالْحَبَلُ: السَّبَبُ‏.
وَأَمَّا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ: فَلْأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ، قَوِيمٌ لَا عِوَجَ فِيهِ‏.
وَأَمَّا الْمَثَانِي: فَلْأَنَّ فِيهِ بَيَانُ قِصَصِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ ثَانٍ لِمَا تَقَدَّمَهُ.
وَقِيلَ: لِتَكْرَارِ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ فِيهِ.
وَقِيلَ: لْأَنَّهُ نَزَلَ مَرَّةً بِالْمَعْنَى وَمَرَّةً بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى لِقَوْلِهِ {‏إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى‏} [الْأَعْلَى: 18]، حَكَاهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ‏.
وَأَمَّا الْمُتَشَابِهُ: فَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي الْحُسْنِ وَالصِّدْقِ‏.
وَأَمَّا الرُّوحُ: فَلْأَنَّهُ تَحْيَا بِهِ الْقُلُوبُ وَالْأَنْفُسُ‏.
وَأَمَّا الْمَجِيدُ: فَلِشَرَفِهِ‏.
وَأَمَّا الْعَزِيزُ: فَلْأَنَّهُ يَعِزُّ عَلَى مَنْ يَرُومُ مُعَارَضَتَهُ‏.
وَأَمَّا الْبَلَاغُ: فَلْأَنَّهُ أُبْلِغَ بِهِ النَّاسُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ بَلَاغَةً وَكِفَايَةً عَنْ غَيْرِهِ‏.
قَالَ السِّلَفِيُّ فِي بَعْضِ أَجْزَائِه: سَمِعْتُ أَبَا الْكَرَمِ النَّحْوِيَّ يَقُولُ‏: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ التَّنُوخِيَّ، يَقُولُ‏: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرُّمَّانِيَّ سُئِلَ: كُلُّ كِتَابٍ لَهُ تَرْجَمَةٌ، فَمَا تَرْجَمَةُ كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلْيُنْذَرُوا بِهِ} [إِبْرَاهِيمَ: 52].
وَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] إِنَّهُ الْقُرْآنُ.
فَائِدَةٌ:
حَكَى الْمُظَفَّرِيُّ فِي تَارِيخِهِ قَالَ‏: لَمَّا جَمَعَ أَبُو بَكْرٍ الْقُرْآنَ قَالَ سَمُّوهُ‏: فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏: سَمُّوهُ إِنْجِيلًا، فَكَرِهُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏: سَمُّوهُ سِفْرًا، فَكَرِهُوهُ مِنْ يَهُودٍ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُود: رَأَيْتُ بِالْحَبَشَةِ كِتَابًا يَدْعُونَهُ الْمُصْحَفَ، فَسَمَّوْهُ بِهِ‏.
قُلْتُ‏: أَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ‏: لَمَّا جَمَعُوا الْقُرْآنِ فَكَتَبُوهُ فِي الْوَرَقِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏: الْتَمِسُوا لَهُ اسْمًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏: السِّفْرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏: الْمُصْحَفُ؛ فَإِنَّ الْحَبَشَةَ يُسَمُّونَهُ الْمُصْحَفَ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ كِتَابَ اللَّهَ وَسَمَّاهُ الْمُصْحَفَ. ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الَّذِي يَلِي هَذَا‏.
فَائِدَةٌ ثَانِيَةٌ:
أَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَغَيْرُهُ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ فِي التَّوْرَاة: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي مُنْزِلٌ عَلَيْكَ تَوْرَاةً حَدِيثَةً تَفْتَحُ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏: لَمَّا أَخَذَ مُوسَى الْأَلْوَاحَ قَالَ‏: يَا رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً، أَنَاجِيلُهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ‏: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ.
فَفِي هَذَيْنَ الْأَثَرَيْنِ تَسْمِيَةُ الْقُرْآنِ تَوْرَاةً وَإِنْجِيلًا، وَمَعَ هَذَا لَا يَجُوزُ الْآنَ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهَذَا كَمَا سُمِّيَتِ التَّوْرَاةُ فُرْقَانًا فِي قَوْلِه: {‏وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} [الْبَقَرَة: 53] وَسَمَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّبُورَ قُرْآنًا فِي قَوْلِه: «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقُرْآنُ».

.فصل: في أَسْمَاءِ السُّوَرِ:

قَالَ الْقُتَبِيُّ‏: السُّورَةُ تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ، فَمَنْ هَمَزَهَا جَعَلَهَا مِنْ أَسْأَرَتْ‏، أَيْ: أَفْضَلَتْ، مِنَ السُّؤْرِ، وَهُوَ: مَا بَقِيَ مِنَ الشَّرَابِ فِي الْإِنَاءِ، كَأَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ‏. وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْهَا جَعَلَهَا مِنَ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَسَهَّلَ هَمْزَهَا‏.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَبِّهُهَا بِسُورَةِ الْبِنَاءِ‏، أَيْ: الْقِطْعَةُ مِنْهُ‏، أَيْ: مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ‏.
وَقِيلَ: مِنْ سُوَرِ الْمَدِينَةِ، لِإِحَاطَتِهَا بِآيَاتِهَا وَاجْتِمَاعِهَا، كَاجْتِمَاعِ الْبُيُوتِ بِالسُّورِ وَمِنْهُ السُّوَارُ لِإِحَاطَتِهِ بِالسَّاعِدِ‏.
وَقِيلَ: لَارْتِفَاعِهَا؛ لْأَنَّهَا كَلَامُ اللَّهِ، وَالسُّورَةُ الْمَنْزِلَةُ الرَّفِيعَةُ‏. قَالَ النَّابِغَةُ‏:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً ** تَرَى كُلَّ مُلْكٍ حَوْلَهَا يَتَذَبْذُبٍ

وَقِيلَ: لِتَرْكِيبِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، مِنَ التَّسَوُّرِ بِمَعْنَى التَّصَاعُدِ وَالتَّرَكُّبِ، وَمِنْهُ: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21].
وَقَالَ الْجَعْبَرِي: حَدُّ السُّورَةِ قُرْآنٌ يَشْتَمِلُ عَلَى آيَةٍ، ذِي فَاتِحَةٍ وَخَاتِمَةٍ، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ‏.
وَقَالَ غَيْرُهُ‏: السُّورَةُ الطَّائِفَةُ الْمُتَرْجَمَةُ تَوْقِيفًا‏، أَي: الْمُسَمَّاةُ بِاسْمٍ خَاصٍّ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ ثَبَتَ جَمِيعُ أَسْمَاءِ السُّوَرِ بِالتَّوْقِيفِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ الْإِطَالَةِ لَبَيَّنْتُ ذَلِكَ‏.
وَمِمَّا يَدُلُّ لِذَلِكَ: مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ، يَسْتَهْزِئُونَ بِهَا، فَنَزَلَ {‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏} [الْحِجْر: 95].
وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُقَالَ: سُورَةُ كَذَا لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «لَا تَقُولُوا سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَلَا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ وَلَا سُورَةُ النِّسَاءِ، وَكَذَا الْقُرْآنُ كُلُّهُ، وَلَكِنْ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَالَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَكَذَا الْقُرْآنُ كُلُّهُ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، بَلِ ادَّعَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ‏.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنَّمَا يُعْرَفُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَقَدْ صَحَّ إِطْلَاقُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَغَيْرِهَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الصَّحِيح: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ‏: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكْرَهْهُ الْجُمْهُورُ‏.